قوله تعالى: ( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ) ( يسألونك ) فعل مضارع مرفوع بثبوت النون وواو الجماعة فاعل .والكاف ضمير مخاطب في محل نصب مفعول به .ماذا ما اسم استفهام في محل رفع بالابتداء ،ذا خبر ،وقيل ( ماذا ) اسم مركب في محل نصب مفعول به مقدم للفعل ( ينفقون ) .
وقيل: إن الآية نزلت في عمرو بن الجموح إذ قال: يا رسول الله إن مالي كثير فبماذا أتصدق وعلى من أنفق ؟
وقيل أيضا: إن الذين سألوا عن الإنفاق فريق من المؤمنين .سألوا النبي ( ص ) عن كيفية الإنفاق من حيث جهاته أو فيما تكون الصدقة .
وتجدر الإشارة هنا إلى أن الآية محكمة غير منسوخة ،فالأمر بالإنفاق في الآية للندب لا للوجوب فهو ( الإنفاق ) مندرج في صدقة التطوع إلا ما كان للوالدين فإن الإنفاق عليهما يأخذ حكم الوجوب لا الندب إلا إن كانا ذا يسرة ومال .ويمكن إلحاق بعض الأقربين بالوالدين من حيث الحكم بوجوب النفقة إن كانوا معسرين .وذلك كالأخوات والعمات والخالات أو الأخوة والأعمام والأخوال إن كانوا يبلغون من الأسنان عتيا ولا يقوون على العمل تحصيل الرزق ،أما غير هؤلاء الأقارب ممن هم أقل درجة في القرابة فالنفقة لهم مندوبة .وكذلك ( اليتامى والمساكين وابن السبيل ) لا ينعقد لهم في ذمة المنفقين وجوب بالإنفاق ،بل تكون النفقة عليهم من باب التطور لا الإجبار .
قوله: ( وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم ) ما اسم شرط ،( تفعلوا من خير ) جملة الشرط .وجوابه: ( فإن الله به عليم ) الفاء مقترنة بالجواب . وذلك تخصيص للمؤمنين على النفقة من أموالهم بسخاء على الأصناف المبينة وهم: الوالدون والأقربون واليتامى والمساكين وابن السبيل .والله جل وعلا لا يخفى عليه العمل الصالح ،فإنه به عليم وهو مجازي الذين ينفقون أموالهم خالصة لوجهه{[291]} .