قوله: ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر ) هذه آيات كبريات تعرض لقدرة الله وبالغ عظمته ؛فهو الخالق المقتدر العليم ،الذي ذرأ الكون وما فيه من خلائق وأجرام وظواهر .ومن جملة ذلك: هذه الظواهر الأربع العجاب التي ذكرتها الآية ههنا .وهي الليل ؛إذا تغيب الشمس عن شطر عظيم من الأرض فيرخي الظلام سدوله على هذا الشطر ،ليستنيم الناس ويجدوا في ذلك هجعتهم وسكونهم .
ثم النهار بضيائه وإيناسه ،وما يتجلى فيه من مظاهر الحركة والنشاط والجد وكل وجوه السعي والكد والجهاد .
ثم الشمس .هذا الجرم الكوني العجيب الذي يعدل مئات الملايين من المرات مساحة الأرض .وهو كتلة متأججة مستعرة من اللهب المتوقد المضطرم .والشمس ؛إذ تفيض على الدنيا بالإشراق والضياء والدفء ؛فإنها تنشر فيها الحياة والنماء والحرارة وكل أسباب العطاء والقرار .
ثم القمر ،هذا الجرم الساطع اللامع المتلألئ المحبوب ،الذي يثير في الدنيا الجمال والسرور وينشر في النفس البهجة والسكينة والحبور .لا جرم أن هذه الآيات الكبريات لأعظم شاهد على قدرة الخالق المبدع الدّيّان .
قوله: ( كل في فلك يسبحون ) الفَلَك بالتحريك ،مدار النجوم وجمعه أفلاك .والفلك من كل شيء مستداره ومعظمه{[3032]} هذا في اللغة .والمرد به هنا أنه المتسع من السماء الذي تجري فيه الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب .ولكل واحد منها فلك يخصه ويدور فيه .
وقوله: ( يسبحون ) أي يسيرون ويدورون .والضمير ،للشمس والقمر .والمراد بهما جنس الطوالع كل يوم وليلة وهي متكاثرة .وقيل: ثمة معطوف وهو ،والنجوم ؛أي أن كل واحد من هذه النجوم والأجرام سواء الشمس والقمر وغيرهما إنما يدور في فلكه وهو متسعه ومستداره الذي يدور فيه{[3033]} .