الضمير لله تعالى ، وقال إنه خلق الليل والنهار ، لأنه خلق سببهما ونظامهما وهي نعمة في ذاتها ، فجعل الليل لباسا والنهار معاشا ، فالليل يسكنون فيه ، والنهار يخرجون فيه ، وذكر بعد ذلك ما في الليل من نعمة السكون ، والاستمتاع بنور القمر الهادئ الساكن ، وما في النهار من الحركة والاستمتاع بضوء الشمس الساطع وحرارتها ودفئها ، فقال تعالى:{ والشمس والقمر} ، كما قال تعالى:{ هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب . . . 5} ( يونس ) .
و{ كل في فلك يسبحون} التنوين هنا عوض عن المضاف إليه ، أي كل من الشمس والقمر في فلك أي في مدار{ يسبحون} وهنا شبه جريانها بالسبح ، يسبح في اليم ، لأنه يجري في فلكه بقدرة أودعها فيه ، وبنظام ثابت ، والضمير عاد ضمير العاقل ترشيحا للاستعارة ، لأن السابح عاقل يدخل في العقلاء عادة ، فلما جاء التعبير بالسبح جاء معه وصف من يكون فيه عادة .
وكان الضمير ضمير الجمع للإشارة إلى طوالع الشمس والقمر المتكرر الذي جعلهما جمعا ، ولأن الطوالع تختلف معها الشمس ، فتكون الشمس قريبة من الأرض في أحد مطالعها وتكون بعيدة عنها في مطلع آخر ، والقمر يبدو في النظر هلالا ، ثم يكبر حتى يصير بدرا ، ولذلك كانت الشمس والقمر بمطالعهما متعددين ، فصح أن يعود إليهما الضمير ضمير الجمع .