{ وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون} .
أي خلقنا السماء خلقا ، وجعلناها محفوظة من أن تنتثر نجومها ، إذ تبدو متفرقة غير متماسكة ، وهي متماسكة مترابطة بجاذبية كأنها أرسان{[1506]} تربطها بعضها ببعض ، فلا ينفصل نجم عن مدار بالنسبة لنجم آخر ، وهذا كقوله تعالى:{ إن الله يمسك السماوات والأرض أن نزولا . . . 41} ( فاطر ) وإمساكهما أن يكون كل منهما في مكانه ، ولقد قال تعالى:{ ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه 65} ( الحج ) ، وإنها لمحفوظة من كل شيطان ، كما قال تعالى:{ وحفظناها من كل شيطان رجيم 17} ( الحجر ) وحفظها سبحانه بأبراجها ، وبعلوها ، وكما قال تعالى:{ الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها . . . 2} ( الرعد ) وكما قال تعالى:{ والسماء ذات الحبك 7} ( الذاريات ) وهي زينة الوجود جديرة بأن تحفظ ، وجعلها الله تعالى محفوظة . كما قال تعالى:{ أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج 6} ( ق ) .
{ وهم عن آياتها معرضون} وفي السماء آيات متكاثرة ، فالبروج والنجوم المتلألئة ، والكواكب السيارة ، وكل منها مسخر بأمره ، فالشمس وما تكون بها من حرارة ودفء وضياء وأشعة تنبت الزرع وتنمّيه ، وما يكون في دورة الشمس من فصول السنة من صيف وشتاء وما فيها ، والقمر من آيات يعرف بها الحساب ، وكما قال الله تعالى:{ وقدّره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب 5} ( يونس ) ، وهذه كلها آيات تدل على الخبير ، وأنه واحد أحد فرد صمد لا إله إلا هو لكنهم عن كل هذا معرضون .
ومن كان معرضا عن آيات السماء ذات البروج فهو في أعظم الجهل .
وقد ذكر سبحانه بعد ذلك أمرا محسوسا يحسونه ، وهو من آيات السماء فقال:
{ وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} .