وقوله:( وجعلنا السماء سقفا ) أي:على الأرض وهي كالقبة عليها ، كما قال:( والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون ) [ الذاريات:47] ، وقال:( والسماء وما بناها ) [ الشمس:5] ، ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ) [ ق:6] ، والبناء هو نصب القبة ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"بني الإسلام على خمس "أي:خمس دعائم ، وهذا لا يكون إلا في الخيام ، على ما تعهده العرب .
( محفوظا ) أي:عاليا محروسا أن ينال . وقال مجاهد:مرفوعا .
وقال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الدشتكي ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أشعث - يعني ابن إسحاق القمي - عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال رجل:يا رسول الله ، ما هذه السماء ، قال:"موج مكفوف عنكم "إسناد غريب .
وقوله:( وهم عن آياتها معرضون ) ، كقوله:( وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون ) [ يوسف:105] أي:لا يتفكرون فيما خلق الله فيها من الاتساع العظيم ، والارتفاع الباهر ، وما زينت به من الكواكب الثوابت والسيارات في ليلها ، وفي نهارها من هذه الشمس التي تقطع الفلك بكماله ، في يوم وليلة فتسير غاية لا يعلم قدرها إلا الذي قدرها وسخرها وسيرها .
وقد ذكر ابن أبي الدنيا ، رحمه الله ، في كتابه "التفكر والاعتبار ":أن بعض عباد بني إسرائيل تعبد ثلاثين سنة ، وكان الرجل منهم إذا تعبد ثلاثين سنة أظلته غمامة ، فلم ير ذلك الرجل شيئا مما كان يرى لغيره ، فشكى ذلك إلى أمه ، فقالت له:يا بني ، فلعلك أذنبت في مدة عبادتك هذه ، فقال:لا والله ما أعلم ، قالت:فلعلك هممت؟ قال:لا ولا هممت . قالت:فلعلك رفعت بصرك إلى السماء ثم رددته بغير فكر؟ فقال:نعم ، كثيرا . قالت:فمن هاهنا أتيت .