الأنبياء ومن يخالطونهم
{ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفأين متّ فهم الخالدون 34 كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون 35 وإذا رآك الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي يذكر آلهتكم وهم بذكر الرحمن هم كافرون 36 خلق الإنسان من عجل سأوريكم آياتي فلا تستعجلون 37 ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين 38} .
كان المشركون يتمنون موت النبي صلى الله عليه وسلم ، ويعيرونه بأنه بشر يموت ، وإذا مات فإن آلهتهم تنجو من سبه وتعييبهم ، فبين الله تعالى أنه سيموت ، وهم يموتون ، كما قال تعالى:{ إنك ميت وإنهم ميتون 30} ( الزمر ) ، ولذا قال تعالى:{ وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد} وإن كونك بشرا يقتضي أن تموت وتبعث ككل البشر ، فما قدرنا لبشر من قبلك الخلد والبقاء ، والجعل هنا التقدير ، أي ما جعلنا الخلد لأحد قبلك من آدم إلى عصرك ، ولست بدعا من بين البشر ، وإذا كانوا يتمنون موتك ، فليعلموا أنهم أيضا ميتون ، ولا يعلم إلا الله تعالى ، من يموت قبلا ، ولذا قال تعالى:{ أفإن مت فهم الخالدون} "الفاء"لترتيب ما بعدها مع قبلها ، أي إذا كنت ستموت لا محالة فهل هم خالدون ؟ فالاستفهام الذي في حيزه الفاء مترتب على نفي الخلود عنه صلى الله عليه وسلم ، والاستفهام داخل على مضمون الشرطية ، وهو استفهام إنكاري فيه نفي الوقوع ، والجملة الشرطية محطها الجواب ، والمعنى إن مت لا يخلدون بل ينتهون أيضا ، فلا يصح أن يتمنوا موتك ، ولا يصح أن تشمتوا فالموت حق على كل نفس ، ولذا قال تعالى مؤكدا موتهم وموته صلى الله عليه وسلم:
{ كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} .