{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ( 34 ) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ( 35 ) وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلاَّ هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ ( 36 )} .
/م34
التفسير:
34 - وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ .
الخلد: الخلود والبقاء في الدنيا .
فهم الخالدون: الباقون في الدنيا ؟لا ،وهذه الجملة محل الاستفهام الإنكاري .
كان الكافرون يتربصون بالنبي الموت ،ويقولون: سيموت محمد كما مات شاعر بني فلان ؛فبين القرآن: أن الموت سنة الأحياء ؛فكل حي سيدركه الموت ،وكذلك كفار مكة سيموتون ،وإذا كانوا سيموتون فلماذا لا يعملون عملا صالحا ينفعهم بعد الموت ؟.
وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ .
لم يخلد نبي ولا رسول ولا بشر ؛كل من عليها فان * ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .( الرحمان: 26 ،27 ) .
وإذا كان كل بشر فان ؛فأنت ستموت يا محمد كما مات غيرك ،وسنتكفل نحن بأمر الرسالة ونحافظ عليها .
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ .( الحجر: 9 ) .
أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ .
وأنت إذا مت يا محمد ،فإن الكفار سيموتون أيضا في الوقت الذي حدده الله تعالى لانقضاء عمرك ،وأعمارهم .
وما دام الأمر كذلك ،فلا تلتفت إليهم ،ولا تنزعج من شماتتهم في موتك ،فإنك ميت وإنهم ميتون ،وكل شيء هالك إلا وجهه ،له الحكم وإليه ترجعون .
يقول الإمام الشافعي:
تمنى أناس أن أموت ،وإن أمت *** فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى تهيأ لأخرى مثلها ،وكأن قد
ويقول شاعر آخر:
إذا ما الدهر جر على أناس *** كلا كله أناخ بآخرينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا