قوله:{أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو أذان يسمعون بها ( 46 )} الخطاب عن المشركين من أهل مكة .والاستفهام للإنكار ؛لأنهم كانوا يرحلون في تجاراتهم وأسفارهم فيمرون بهذه القرى الدارسة الهالكة فلم يتعظوا أو يعتبروا ،فأنكر الله عليهم عدم اعتبارهم أو اتعاظهم ،أو أن المراد حثهم على السفر ليروا مصارع الأمم الدارسة فيذّّكروا ويعتبروا .
قوله: ( فتكون لهم قلوب يعقلون بها ) أي يعقلون بقلوبهم ما يجب أن يعقل من توحيد الله وقدرته وأنه خالق كل شيء .والآية تدل على محل العلم هو القلب .وبذلك فإن القلب آلة لهذا التعقل ( أو آذان يسمعون بها ) أي يسمعون بآذانهم ما يجب أن يُسمع من التذكير والعبرة مما يشاهدونه من آثار الأمم الخالية الدارسة .
قوله: ( فإنها لا تعمى الأبصار ) أي لا تعمى أبصار العيون ،فإنها قائمة تبصر وترى ( ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) أي أن القلوب عمي عن درك الحق والذكر .ومعلوم أن القلوب محلها الصدور .وفائدة ذكرها في الصدور ،الزيادة في البيان .والمقصود: أن الخلل ليس في عيون هؤلاء المشركين المعرضين ،فعيونهم ناظرة مبصرة ؛بل إن الخلل في قلوبهم بما أصابهم من التواء وتبلّد ومرض ،فباتت لا تتدبر أو تتعظ ،ولا ترق أو تلين{[3130]} .