/م42
46 - أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .
أفلم يسافر أهل مكة في البلاد ،ليشاهدوا مصارع الكفار ،فيعتبروا بما حل بهم من النكال والدمار ،وقد كانت قبيلة عاد بالأحقاف في جنوب الجزيرة ،وكانت قبيلة ثمود في شمال الجزيرة بين الحجاز والشام ،وكانوا يمرون على هذه القرى في رحلة الشتاء ،ورحلة الصيف ،لكنه مرور الغافلين ،وهنا يفتح عيونهم ويرشدهم إلى التعقل والتدبر ،أي: هلا تدبرت قلوبهم وعقولهم ما أصاب هذه الأمم ،وهلا وعت أسماعهم أحاديث هلاكهم ،إن القلب الواعي يعتبر ،أما القلب الذي أصابه العمى ،فلم يبصر الحقائق ،ولم يتدبر ولم يتعظ بغيره ،فلا أمل فيه .
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ .
ليس العمى على الحقيقة عمى البصر ،وإنما العمى عمى البصيرة ،فمن كان أعمى القلب ،فلا يعتبر ولا يتدبر مهما كان بصره سليما .
قال الشاعر:
وإذا كان القلب أعمى عن الرشد *** فماذا تفيده العينان ؟
وفي الحديث الشريف: ( إن النور إذا دخل القلب اتسع له الصدر وانشرح ،قيل: يا رسول الله ،هل لذلك من علامة ؟قال: نعم ،التجافي عن دار الغرور ،و الإنابة إلى دار الخلود ،والإستعداد للموت قبل نزول الموت ) ثم تلا قوله تعالى: أفمن شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ ... xxxiv ( الزمر: 22 ) .