{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ( 47 ) وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ ( 48 ) قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ ( 49 ) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ( 50 ) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ( 51 )} .
/م47
التفسير:
47 - وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ .
يتعجب القرآن من جرأة هؤلاء الكافرين ،فقد خوفهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ،أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأمم السابقة ،فظنوا أن العذاب لن ينزل بهم ،وقالوا في سخرية واستهزاء: متى ينزل هذا العذاب ؟
وقد جاء هذا المعنى في سورة الأنفال ،في قوله تعالى: وَإِذْ قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السَّمَاء أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ .( الأنفال: 32 ) .
لقد وعد الله المكذبين بالعذاب ،ووعد الله لا يتخلف ،وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ .لكن الله لا يعجل لعجلة هؤلاء الكافرين ،وسيلقون هذا العذاب في الدنيا والآخرة .
وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ .
قال ابن عباس ومجاهد: يعني: من الأيام التي خلق فيها السماوات والأرض .
وقال عكرمة: يعني: من أيام الآخرة ،أعلمهم الله إذا استعجلوه بالعذاب في أيام قصيرة ،أنه يأتيهم في أيام طويلة .
وقال الفراء: هذا وعيد لهم بامتداد عذابهم في الآخرة .
وقيل: المعنى: وإن يوما في الخوف والشدة في الآخرة ،كألف سنة من سني الدنيا فيها خوف وشدة ،وقد توسع القرطبي في نقل الآراء في تفسير هذه الآية .
والخلاصة:
إن سنة الله لا بد من نفاذها ،ولا بد من إهلاك الظالمين ولو بعد حين ،أمما وأفرادا في الدنيا والآخرة ،أو عذابهم في الآخرة فقط ،وإذا تأخر عذاب الآخرة ،أمدا طويلا ،فلا يكون في ذلك إخلاف للوعد ،فعشرون يوما عند ربك كعشرين ألف سنة عندكم .