{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ} يا محمد{بِالْعَذَابِ} بطريقة لا تخلو من التحدي والاستفزاز ،وربما تقترب من الاستهزاء ،لأنهم لا يرونه قادراً على ذلك ،وأن الوعيد الذي يخاطبهم به من خلال آيات القرآن ليس جدّياً ،مما يدفعهم إلى الامتداد في الشرك والإصرار عليه ،ولكن الله يواجههم بالحقيقة القرآنية الإلهية ،وهي أنَّ هذه الأساليب الاستعجالية الاستفزازية لا تغيّر من الموقف شيئاً ،فإن الله قد جعل لكل شيءٍ أجلاً لا يتجاوزه ،على قاعدة الحكمة في تقدير الأشياء ،فلا يُعجله عن ذلك شيء ،لأن الذي يعجل هو الذي يخاف الفوت .ولما كان الله قد وعد المشركين بالعذاب ،فسيتحقق ذلك حتماً ،{وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ} لأنه قد يغفر أيّ شيء لأي شخص ،ولكنه لن يغفر له الشرك العبادي الذي لا يرتكز على أساس ،وليس هذا أسلوباً من أساليب التحدي التي تهدف إلى الإقناع والإيمان بالإسلام ،ليكون الموقف هو الرد عليهم بتحقيق هذا الوعيد ،بل هو مجرد تبيانٍ لحقيقةٍ إيمانية لإثارة الخوف الداخلي فيهم من النتائج السلبية للامتداد في خط الشرك ،لدفعهم إلى اتخاذ موقف جدّي من موضوع الإيمان .أما الإيمان نفسه فله براهينه الخاصة التي تنطلق من مضمونه ،ومن الأجواء المحيطة به .
{وَإِنَّ يَوْماً عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} وسيأتيكم هذا اليوم ،حيث ستواجهون العذاب الذي هو أشد عليكم من عذاب ألف سنةٍ من أيامكم العادية لشدة الهول الذي يحيط بالموقف هناك .فكيف تستعجلون ذلك ؟وعلى أيّ أساس ؟