قوله تعالى:{والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ( 58 ) ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم ( 59 ) ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور ( 60 )} سبب نزول هذه الآية أنها لما مات بالمدينة عثمان بن مظعون وأبو سلمة ابن عبد الأسد ،قال بعض الناس: من قتل في سبيل الله أفضل ممن مات حتف أنفه .فنزلت هذه الآية مسوية بينهم وأن الله يرزقهم جميعا رزقا حسنا{[3140]} .
وتفيد الآية أن من خرج من بيته مهاجرا في سبيل الله ابتغاء مرضاته ،فترك الأوطان والأهل والخلان ،وفارق الصحب والبلاد والأحباب ،حبا في الله ونصرة دينه ،مبتغيا بذلك إعلاء شأن الإسلام ثم أماته الله بعد ذلك ؛فقد حصل من الله على حسن الثناء وعظيم الجزاء ،سواء مات قتلا أو حتف أنفه .وإنما يعوّل هنا على النية .فمن خرج مهاجرا مفارقا أهله ووطنه لا يبتغي بذلك غير إعزاز كلمة الله ورفع راية القرآن ومبشرا بدعوة الإسلام ثم أدركه الموت عقب ذلك فلا جرم أن يكون شهيدا .وذلك كقوله: ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله ) وقيل: للمقتول في سبيل الله مزية لما أصابه من مصيبة القتل .