وذلك قوله:{الذين هم في صلاتهم خاشعون} أي خائفون ساكنون مطمئنون ،والخشوع محله القلب .فشأن المؤمن أن يكون موصول القلب بالله ،وأن يكون واثقا مستيقنا من جلال الله وعظيم سلطانه وجبروته .لا جرم أن قلب المؤمن دائم الخوف من الله لتخشع بذلك جوارحه فلا تدنسها المعاصي والآثام ؛بل تجنح للطاعات والعبادات وفعل الصالحات .
والخشوع في الصلاة إنما يتحصل للمؤمن باجتهاده في استجماع قلبه كيما ينشغل بالصلاة عما سواها من مشكلات الحياة الدنيا .والصلاة في الحقيقة لهي وقت للاسترواح النفسي والروحي للمؤمن المذكر ،وهو يجد فيها لنفسه قرة عين ،وفي ذلك روى الإمام أحمد عن أنس عن رسول الله ( ص ) أنه قال:"حبّب إلي الطيبُ والنساء ،وجُعلت قرة عيني في الصلاة ".وروى أحمد أيضا بسنده عن سالم بن أبي الجعد عن رجل من أسلم أن رسول الله ( ص ) قال:"يا بلال ،أرحنا بالصلاة ".ومن أوجه الخشوع في الصلاة: السكون فيها والتذلل ؛وترك الالتفات والحركة ،والخوف من الله .ومن الخشوع في الصلاة أيضا: أن يضع المصلي بصره في موضع سجوده ؛فإنه أحضر لقلبه وأجمع لفكره .وهو قول الشافعي .وقال مالك: إنما ينظر أمامه ولا يرفع بصره إلى السماء في الصلاة .