قوله: ( وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم ) ( وقوم ) منصوب بمضمر تقديره اذكر .فقد بعث الله نوحا إلى قومه المشركين الظالمين فلبث يدعوهم إلى الله وحده ألف سنة إلا خمسين عاما .وقد لقي خلال هذه المدة الطويلة من ألوان الصد والقهر والإيذاء ما لا يحتمله غير المصطفين الأخيار من البشر ،كنوح عليه الصلاة والسلام ،فضلا عن تكذيبهم وإعراضهم عن دين الله الحق .وهو قوله: ( لما كذبوا الرسل ) وتكذيبهم واحدا من المرسلين يعني تكذيبهم لسائر النبيين .ووجه ذلك هو وجوب الإيمان بالنبيين أجمعين .
وتكذيب أحدهم إنما هو تكذيب بالجميع .ولما كذبوا أغرقهم الله في الطوفان ؛إذ الماء من السماء نازل منهمر ،ومن الأرض دافق متفجر ؛فصارت الأرض بحرا هادرا هائجا تتلاطم فيه الأمواج العاتية الهائلة فغرّقهم الله أشنع تغريق .
قوله: ( وجعلناهم للناس آية ) أي جعل الله من قوم نوح ومهلكهم عبرة تتذكرها الأمم فتعتبر وتزدجر .
قوله: ( واعتدنا للظالمين عذابا أليما ) أي أعددنا وهيأنا للظالمين وهم قوم نوح ( عذابا أليما ) وهي النار ؛فهم بذلك مُعاينون العذاب في كلتا الدارين .دار الدنيا حيث الطوفان والتغريق والخزي .ثم الدار الآخرة حيث النار اللاهبة المستعرة .