قوله تعالى:{قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ ( 32 ) قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ( 33 ) قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ( 34 ) وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} .
قالت بلقيس – هذه المرأة الحازمة الفطنة- للملأ وهو أشراف قومها:{قَالَتْ يَا أَيُّهَا المَلأ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي} أي أشيروا علي في أمري من شأن هذا الكتاب الذي ألقي إلي وهو مرسل من سليمان{مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} أي لم أكن لأقضي أمرا في شأن ذي أهمية كهذا حتى تحضروا إلي فأشاوركم فيه .
وهذا دليل حزمها ورجاحة عقلها ؛إذ تعبأ بالمشورة لتخلص إلى الرأي السديد .وما يطلب المشورة من أهل النهى والنظر إلى العقلاء الحازمون من الناس ،الذين يبتغون لأنفسهم وأمتهم السلامة والخير .ولا يستكبر على قومه وأهل النظر فيهم فينفر من مشاورتهم إلا الجاهلون والسفهاء والمستكبرون .