قوله:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} الفضل والفضيلة بمعنى الخير ،وهو ضد النقص والنقيصة .والإفضال معناه الإحسان .ورجال مفضال ،وامرأة مفضالة على قومها{[3461]} والمعنى أن الله متفضل على العباد بما أسبغ عليهم من جزيل الإحسان والنعم ،لا جرم أن فضله عليهم عظيم وأن آلاءه وخيراته وبركاته لا تحصى ولا تعد ،سواء في ذلك ما منّ به عليهم من مركبات الجسد: كنعمة العقل والسمع والبصر والحس ،ونعمة الفطرة بمختلف أجزائها ومعانيها الخلقية ،من حياء ورحمة ورأفة وإيثار ونخوة ومودة ووازع ورهافة .وفوق ذلك كله يتفضل الله على الناس بواسع غفرانه لهم ،وبتجاوزه عن مساءاتهم وآثامهم وذنوبهم .لا جرم أن الله لذو فضل على الناس{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ} أكثر الناس يجحدون نعمة الله عليهم ،وينسون ما من به عليهم من عظيم النعم وجزيلها .وهم إنما ينثنون عن عبادة تالله وحده ،وعن بذل الشكر له والثناء عليه ،وتذكر ما أفاض به عليهم من صنوف الخير لينغمسوا في الباطل والشهوات لاهين غافلين .