{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ} في وجودهم بعد أن كانوا عدماً ،وفي حركة هذا الوجود في ألوان النعم التي لا تعد ولا تحصى في آفاق الكون وفي مفردات الحياة ،ما يفرض عليهم الشكر بالكلمة والعمل ،في ما يعبر به الناس عن خضوعهم وعبادتهم واعترافهم بالجميل ،والامتنان لمواقع النعم في حياتهم ،{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ} لأن القليلين هم الذين ينطلقون من وعي الألوهية في موقع وجود الإنسان في امتداد النعم في دائرة الرحمة الواسعة الشاملة للحياة كلها ،وللإنسان كله ،لأنهم هم الذين يفكرون ويتأملون ويثيرون الحوار في كل مفردات العقيدة ،ليصلوا من خلال ذلك إلى القناعة الوجدانية اليقينية .أمّا الأكثرية ،فإنها تتحركغالباًمن عمق الانفعال ،وسذاجة العاطفة ،وحركة الغريزة والمصلحة ،ولذلك كانت الغفلة هي الطابع الذي يطبع حياتهم ،ويتمثل في مسيرتهم ،فيتعاملون مع النعم الكثيرة تعاملهم مع الأشياء المألوفة التي لا تثير فيهم أيّ انتباه ،بل يتابعون حياتهم معهم كأنهم لم يروا شيئاً جديداً في ما يمكن أن يناقشوه أو يفكروا فيه .