قوله تعالى:{قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 20 ) يُعَذِّبُُ مَن يَشَاء وَيَرْحَمُ مَن يَشَاء وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ( 21 ) وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وََلاَ نَصِيرٍ ( 22 ) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُوْلَئِكَ يَئِسُوا مِن رَّحْمَتِي وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 23 ) فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ( 24 ) وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُم بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن نَّاصِرِينَ} .
يأمر الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء المكذبين الذين ينكرون البعث بعد الموت والفناء:{سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ} أي سيروا في البلاد وتفكروا واعتبروا مما ترونه من كثرة الخلائق واختلاف أجناسه وألوانهم وألسنتهم وطبائعهم ،وانظروا كيف خلق الله ذلك كله ابتداء لتستيقنوا أن الله قادر على خلقهم مرة أخرى ؛فإن الذي يبدأ النشأة الأولى لا يعزّ عليه أن ينشئ النشأة الأخرى{إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وهذا هو التعليل الحقيقي لقضية الخلق ،وهو أن الله قادر على فعل كل شيء ،فإنه سبحانه لا يعز عليه أن يفعل ما يريد أو يصنع في الخلق ما يشاء .وما الكون والكائنات أو الحياة والأحياء جميعا إلا بيده مقاليدها جميعا .فلا يعجبنَّ بعد ذلك مكابر أو جاهل أو مغرور ،من إعادة الخلق بعد الموت والبِلى .