قوله: ( وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين ) ذلك إخبار من الله تعالى عن الجماعة الموصوفة سابقا بالقائمة ،التالية آيات الله ،الساجدة ،بأنها لا تفعل من خير أو تعمل من عمل لله فلن يكفرهم الله .من الكفر وهو التغطية والستر .كفره أي غطاه وستره .والكفر والكفران بمعنى الجحود والستر .
والمقصود أن ما تعمله هذه الأمة من خير فلن يبطل الله ثواب أعمالهم ولا يدعهم بغير جزاء منه لهم .ولكنه يجزل لهم الثواب ويكتب لهم الجزاء والكرامة ،خلافا لما كان يهدي به أحبار يهود لما قالوا لهم: لقد كفرتم وخسرتم .أو خنتم حين استبدلتم بدينكم دينا غيره .
قوله: ( والله عليم بالمتقين ) الله عليم بأهل التقوى ،وهم الذين يؤمنون به في قرارة أنفسهم من غير شك في ذلك ولا فتور ويخافونه خوفا دائما .فهم بذلك يبادرون لله بالطاعة ،والانزجار عن المعاصي والموبقات .والله يطمئن عباده الصالحين المخلصين بأن أعمالهم الصالحة لا يأتي عليها حبوط ولا نسيان ،بل إن الله عليم بها وهو مجاز عنها في الدين والدنيا ،وفي ذلك ما يسكب في قلوب المؤمنين المخلصين البهجة والشرح لما يجدونه من تكريم الله لهو وعدم التفريط فيهم ،وأنهم غير مضيعين ولا مهمشين ،وإن همشهم الناس وتغافلوا عنهم{[569]} .