{ وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين} في هذا النص الكريم بيان ان الله تعالى يحتسب ما يفعلون من خير ، ويثيبهم عليه ، و"ما"هنا شرطية ، ولذا جزم الفعل بعدها ، و"من"هنا تفيد العموم ، أي:إن يفعلوا أي خير قليلا كان أو كثير فلن يحرموا ثوابه ، وقد أكد احتسابه ب"لن"، لأن النفي ب"لن"يفيد التوكيد ، "كفر"بمعنى ستر ، وهي لا تتعدى إلى مفعولين ، ولكن لتضمنها معنى "حرم"تعدت إلى مفعولين ، ويقول في ذلك الزمخشري:"فإن قلت:لم عدى إلى مفعولين وشكر وكفر لا يتعديان إلا إلى واحد ، تقول:شكر النعمة وكفرها ؟( قلت ):ضمن معنى الحرمان فكأنه قيل فلن يحرموه ، بمعنى فلن يحرموا جزاءه"وفي حذف هذا المضاف وهو الجزاء إشارة أن الجزاء ثمرة الفعل دائما ، وان عمل العامل خيرا أو شرا يتضمن كسب الجزاء إن خيرا أو شرا ، وذلك بالنسبة للثواب تفضل من الله تعالى دائما .
وفي هذا النص الكريم إشارة إلى أن النية الطيبة في الخير مع سلامة العقيدة ونزاهة النفس تجعل العمل طيبا مرجو الثواب دائما ، لأن الأساس دائما تقوى القلوب ، ولذا قال تعالى في تذييل الآية:{ والله عليم بالمتقين} .
وفي هذا التذييل الكريم إشارات إلى أمور ثلاثة:
أولها:أن تقوى القلوب هي أساس لكل خير ، وهي المجنب من كل شر .
والثاني:ان التقوى إذا كانت شانا من شئون النفس ، صار الشخص لا يوصف إلا بأنه من المتقين ، وصار عمل الخير كسجية له من السجايا .
والثالث:ان الله عليم بكل ما تخفيه القلوب وهو يجزي بما يعلم ، اللهم وفقنا لتقواك ، وأنر بصيرتنا ، وطهر قلوبنا من رجس الهوى ، إنك سميع الدعاء .