قوله تعالى: ( إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم ) المراد بذلك أن القوم الذين تولوا يوم أحد عند التقاء الجمعين وهم المؤمنون والمشركون وفارقوا المكان وانهزموا قد عفا الله عنهم بعد أن أوقعهم الشيطان في الزلل .وقوله: ( استزلهم ) أي حملهم على الزلل .أو طلب منهم الزلل .ومفرد الزلل زلة بمعنى خطيئة .
وتأويل الآية أن الذين انهزموا من أمام المشركين في أحد كان السبب في توليهم ( فرارهم ) أنهم كانوا أطاعوا الشيطان ؛إذ ( استزلهم ) .أي دعاهم إلى الزلة بسبب بعض ما كسبوا من الذنوب ومنها أن زين لهم الهزيمة فانهزموا ؛إذ تركوا المكن الذي أمرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالثبات فيه فجرهم ذلك إلى الهزيمة ،لكن الله جلت قدرته قد عفا عن كهؤلاء القوم إذ تجاوز لهم عن توليهم يوم التقى الجمعان .وذلكم شأن الله مع عباده ،فهو بفضله ومنه يعفو عن المذنبين ويمحو الخطايا ويتجاوز عن ذنوب المسلمين المسيئين .وهذا مقتضى قوله: ( إن الله غفور حليم ) أي عظيم المغفرة لمن تاب وأناب ،وحليم لا يعجل بالعقوبة{[618]} .