الجمعان: جمع المؤمنين وجمع المشركين .
استزلهم الشيطان: جرهم إلى الخطأ .
إن الذين انهزموا منكم يا معشر المسلمين ،يوم أحد إنما جرّهم الشيطان إلى الزلل والخطأ ،فعصَوا أمر الرسول وبارحوا المكان الذي أوقفهم فيه على الجبل .لقد رأوا النصر للمسلمين في أول المعركة فهبطوا إلى السهل طمعاً في الغنيمة .عند ذلك هاجمهم خالد بن الوليد بخيل المشركين ،وقتل من بقي من الرماة ،وأحدث الخلل في صفوف المسلمين .ولقد فر أكثر المقاتلين ،ولم يبق مع النبي إلا ثلاثة عشر رجلاً: منهم خمسة من المهاجرين هم: أبو بكر وعلي وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص ،وثمانية من الأنصار .وقد انهزم بعضهم ولم يعد إلا بعد ثلاثة أيام .
من هذا يتبين أن عملاً بسيطا لا يقدّره الإنسان قد يجر إلى نكبة كبرى ،ويكون بعمله هذا قد قدّم أعظم مساعدة لعدوه .وهذا ما نحن فيه اليوم ،فإننا بتفرقنا ومعاداتنا لبعضنا البعض ،إنما نقدم أعظم خدمة لليهود وحلفائهم ،منّا ومن غيرنا .
وفي الآية تصوير لحالة النفس البشرية حين ترتكب الخطيئةَ فتفقد ثقتها في قوتها ،ويختلّ توازنها ،فَتَبِيتُ عرضةً للوساوس والهواجس .وعندئذ يجد الشيطان طريقه إلى هذه النفس فيقودها إلى الزلل والخطأ ،وتحل بها النكبة والهزيمة ....
ولكن الله أدرك أصحاب أُحد برحمته ،فلم يدع الشيطان يتسلط عليهم ،بل عفا عنهم ،ثم أخبرهم بأنه غفور حليم .ونحن نسأل الله تعالى أن يردّنا إلى طريقه المستقيم ،ويدركنا برحمته فيوحّد كلمتنا ويعيد إلينا ثقتنا بأنفسنا ،لننظم صفوفنا ونسترد ما اغتُصب من بلادنا .