قوله تعالى:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} .
روي في سبب نزول هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلمخطب زينب بنت جحش – وكانت بنت عمته – فظنت أنه خطبها لنفسه .فلما تبين أنه يريدها لزيد ،أبت وامتنعت .فنزلت الآية فأذعنت زينب حينئذ ورضيت أن تتزوج من زيد .
وتقضي الآية بأنه ليس لمؤمن بالله ورسوله ،أو مؤمنة إذا حكم رسول الله في أنفسهم بحكم أن يختاروا غير ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعصوه ويخالفوا أمره .فإن عصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم عصيان لله سبحانه .فقد أمر الله عباده المؤمنين بطاعة رسوله الأمين{من يطع الرسول فقد أطاع الله}{[3745]} .
قوله:{أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}{الْخِيَرَةُ} ،مصدر بمعنى الاختيار أي ليس لهم أن يختاروا خلاف ما أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ،على أن الآية عامة في كل الأمور ؛فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فليس لأحد من بعده أن يخالفه فيما أمر أو يختار غير ما قضى به .
فما يصدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا محالة ملزم إلزاما ؛لأنه وحي من الوحي .وفي ذلك يقول سبحانه:{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} وبذلك لا يتحقق لأحد إيمان حتى يرضى بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل الأمور والقضايا .وفي الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ".
قوله:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا} ذلك تحذير مَخوف من الله ،يتهدد به الذين يخالفون رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر ويعرضون عما جاءهم به من عند الله فيرتضون بغيره من الشرائع بديلا فأولئك قد أوغلوا في الضلال والزيغ عن الحق .