{بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ}{بِمَا غَفَرَ لِي} ما مصدرية ؛أي يعملون بغفران ربي{[3895]} .فبعد أن رأى ما أعدّه الله له من جزيل النعم وحسن الثواب وعظيم الكرامة في الجنة ،تمنى أن يعلمَ قومه بما أسبغ الله عليه من هذه النعم ؛ليحملهم ذلك على التوبة والطاعة ومجانبة الكفر والإشراك بالله .
وذلك يشير إلى مبلغ إخلاص هذا المؤمن وحسن سيرته وقصده ؛إذ تمنى لهم الهداية والنجاة بعد قتلهم له ،والتحاقه بالرفيق الأعلى ،مثل تمنيه لهم في الدنيا من الإيمان والطاعة والاستقامة .وذلك هو شأن المؤمنين الذين يدعون الناس إلى منهج الإسلام ؛فإنهم يبتغون للبشرية الهداية والتوفيق والسعادة في الدارين ويتمنون لهم كل وجوه الخير والسلامة والنجاة ،لا يبتغون بذلك من أحد ثناءً ولا شكورا إلا الجزاء الكريم من الله .