{إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ}{إذْ} بدل من{إذ} الأولى فقد كان داود في داره ،وكان قد أمر أن لا يدخل عليه أحد في ذلك اليوم ؛ثم فوجئ باثنين قد تَسوّرا عليه الدار ليسألاه عن شأنهما{فَفَزِعَ مِنْهُمْ} لأنهما أتياه ليلا في وقت لا يأتي فيه الخصوم ،وقد دخلوا عليه بغير إذنه وكان ذلك من غير الباب الذي يدخل من الناس بل دخلوا تسلّقا من فوق المحراب .وكان محرابه من الامتناع بالارتفاع بحيث لا يرقى إليه أحد بحيلة إلا ببالغ المشقة والجهد .
قوله:{قَالُوا لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ}{خَصْمَانِ} خبر لمبتدأ محذوف وتقديره: نحن خصمان .يعني: قال الملكان لداود كيلا يفزع منهما: نحن فريقان من الخصوم بغى بعضنا على بعض .أو تعدى أحدنا على الآخر .وذلك على سبيل الفرض والتقدير ،أو التعريض ؛لأن الملائكة لا تبغي .ثم طلبا منه أن يقضي بينهما بالحق وأن لا يجور .وهو قوله:{فَاحْكُمْ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ} تُشطِط من الشطط ،وهو مجاوزة القدر في كل شيء والمراد به هنا الجور والعدل ؛أي اقضِ بيننا بالعدل ولا تجر في قضائك ولا تَملِ فيه مع أحد .
قوله:{وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ} يعني أرشدنا إلى الطريق المستقيم .