قوله تعالى:{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}:
يذكر الله نبيه الصابر أيوب عليه الصلاة والسلام وما أصابه من عظيم البلاء في الولد والجسد والمال ؛فقد كان ذا أولاد وعيال وقد أخذهم الله فبقي وحيدا بغير ولد ولا أهل ولا جليس ،وكان ذا مال وثراء فأهلك الله ماله كله .ثم أصابه البلاء في جسده كله فانقلب عليلا سقيما .وقيل: لم يبق من جسده مغرز إبرة سليما سوى قلبه .فنفر منه الناس وتركوه وحيدا باستثناء زوجته المؤمنة الصالحة الرؤوم رضي الله عنها ؛فإنها لم تفارقه ولم تفرط فيه ،بل كانت تخدم الناس بالأجرة لتتمكن من إطعامه وخدمته .فظل على هذه الحال من السقم والكرب والفقر وهجر الصحب والناس والحيلان جميعا ،مدة سبع سنين .وقيل: ثماني عشرة سنة حتى آل به الأمر إلى إلقائه فوق مزبلة من مزابل بني إسرائيل طيلة هذه المدة وقد رفضه الناس وزهدوا في محادثته أو الدنو منه .حتى إذا طالت الشدة وبلغ الكتاب أجله وجاء أمر الله بالفرج ،دعا أيوب ربه أن يكشف عنه ما حل به من البلاء .والله جلت قدرته خير معين ومجيب .وفي ذلك كله يقول سبحانه:{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} النصْب: بضم النون المشددة ،وسكون الصاد .وهو ما يصيب البدن .أما العذاب: فهو ما يصيب المال والولد ؛فقد دعا أيوب ربه عسى أن يكشف عنه ما أصابه ،