قوله تعالى:{فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ ( 49 )} .
ذلك هو الإنسان في ضعفه واغتراره وقلة حيلته وهوان عزمه واصطباره ؛فإنه إذا أصابه ضُر ،أي سوء ومكروه من بؤس أو شدة أو فقر أو سقَم أو جزع ،بادر بالاستغاثة بالله داعيا إياه أن يدفع عنه ما أصابه من ضرٍّ{ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا} يعني إذا بدلناه بالضُر رخاء وسعة وعافية{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} يعني إنما أعطيت هذه النعمة من الرخاء والخير والسعة والعافية على علم من الله بفضلي وبأني أهل لذلك من أجل شرفي ورضاه عني .أو بعلم علمني الله إياه .أو على علم عندي بوجوه المكاسب وتحصيل الخير .
قوله:{بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} أي ما أوتيته في الدنيا من نعمة إنما هو امتحان لك ،واختبار اختبرناك به ،أو بلاء ابتليناك به .
قوله:{وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} أكثر الناس لا يعلمون أن ما خوَّلهم الله إياه من نعمة المال وزينة الحياة الدنيا ،اختبار لهم وابتلاء من الله يبلوهم به .فهم بذلك غافلون عن توحيد الله وشكره ،سادرون في الغي والجهالة موغلون في الشهوات وما في الحياة الدنيا من متاع وزينة .