ومن الظلم ( أخذهم الربا وقد نهوا عنه ) والربا من أشد الكبائر نكرا .وهو محرم في جميع الكتب السماوية ومنها التوراة .وإذا لم يكن لهذا التحريم أثر واضح في هذه الكتب فلا جرم أن يكون ذلك سببه التحريف أو التغيير والتبديل الذي أحدثه أهل الكتاب فيما نزل عليهم من كتب .
ومن المعلوم أن جريمة الربا أكثر ما تكون لصوقا باليهود فهم قد مردوا على هذا السحت في غابر الزمن حتى يومنا هذا ،وهم في ذلك يبتدعون مختلف الأساليب في التحيل للحصول على المال عن طريق الربا ،يحفزهم إلى ذلك رغبتهم اللحاحة في الإكثار من المال والاستزادة منه في جشع ينافي القناعة ولا يرضى بالحلال .
ومن الظلم كذلك أكلهم أموال الناس بالباطل .وذلك ظلم ؛لكونه كسبا غير مشروع أو هو وضع للمال من استغلال واحتكار وتلاعب بأسعار ،وكذلك الرشا والميسر وأجور الفسق والفاحشة في الملاهي وبيوت الدنس والخنا حيث الزواني والزناة ،وغير ذلك من وجوه الكسب الحرام الذي يبتز من خلالها اليهود أموال الناس بالباطل .
من أجل هذه المحظورات التي ارتكبها اليهود بظلم فقد عاقبهم الله بالحرمان من طيبات كانت لهم حلالا ،مع أن الطعام كان جله حلالا: لهم .وفي ذلك يقول سبحانه: ( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ) ولئن كان هذا العقاب مفروضا عليهم في الدنيا فإن عذاب الآخرة أشد وأنكى وأبقى .وفي ذلك يقول عز من قائل: ( واعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما ) أي هيأنا للكافرين من بني إسرائيل عذابا مقيما يتسم بالإيلام والديمومة .