قوله:{والذين كذبوا بئايتنا صم وبكم في الظلمت} صم وبكم خبر لاسم الموصول .وقيل: خبر لمبتدأ محذوف تقديره بعضهم .أي بعضهم صم وبعضهم بكم .أي أن الذين كذبوا بقرآن الله أو بحجبه ودلائله صم عن سماع الحق فلا يسمعون الآيات سماع المتأثر المستجيب .وهم كذلك بكم لا يقولون الحق ولا ينطقون بمقتضى الآيات من الصدق والصواب والحكمة .وهم مع ذلك كله سادرون حيارى ،إذ يتخبطون{في الظلمت} أي ظلمات الكفر .أو ظلمات الجهل والعناد والسفاهة والتقليد بالباطل .
قوله:{من يشإ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم} أي من يرد الله سبحانه أن يخلق فيه الضلال عن الحق يخلقه فيه فيضل .فيسوقه للضلال حينئذ اختياره الناشئ عن استعداده .ومن يرد الله أن يخلق فيه الهدى إلى الحق يخلقه فيه فيساق إليه تبعا لاختياره الناشئ عن استعداده .
وقالت المعتزلة: في تأويل قوله:{من يشإ الله يضلله} الآية: أي يخذله ولم يلطف به .وضلاله عدم اللطف به ،لأنه ليس من أهل اللطف .أما من يرد الله أن يجعله على صراط مستقيم ،فالمراد به أن يلطف به ،لأنه من أهل اللطف ولأن اللطف يجدي به .والصواب الأول وهو قول أهل السنة .فهو الظاهر المستبين من الآية .ويعززه غير ذلك من الآيات كقوله عز وعلا:{ويضل الله الظلمين} وقوله{وما يضل به إلا الفسقين} وقوله:{يهدي به الله من اتبع رضونه} وقوله:{يثبت الله الذين ءامنوا بالقول الثابت}{[1162]} .