قوله:{وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم} كان المنافقون أولي هيئات حسنة ومناظر بهية وكانوا أولي فصاحة وبيان فإذا تكلموا أجادوا في الكلام فأصغى إليهم سامعوهم لحسن قولهم وبلاغة حديثهم .وقيل: المراد بذلك عبد الله بن أبي ابن سلول .وقد قال عنه ابن عباس: كان عبد الله من أبيّ وسيما جسيما صحيحا صبيحا ذلق اللسان .فإذا قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالته .وقيل الخطاب لكل من يصلح له من المنافقين .وهو الأظهر .
قوله:{كأنهم خشب مسنّدة} يعني كأن هؤلاء المنافقين خشب مسندة إلى الحائط ،لأنها لا قلوب فيها ولا عقول .فهي جوفاء ،فارغة من كل وعي أو خير أو وازع .فهم أشبه بصور عمياء ،وأشباح خرساء ليس فيها أرواح{يحسبون كل صيحة عليهم} هؤلاء المنافقون جبناء خائرون مهزومون .وهم موغلون في الاضطراب والهلع والجزع والخور .فهم بذلك كلما حصل أمر أو نزلت حادثة أو غشي الناس خبر ،ظنوا - واهمين مذعورين - أن ذلك نازل بهم أو من أجلهم لفضحهم وكشف أستارهم .
قوله:{هم العدو فاحذرهم} يبين الله في ذلك أن هؤلاء المنافقين أولو عداوة كاملة ،لأنهم يخفون في قلوبهم الكفر فهم خبيثون ،ماكرون مخادعون .فخذ حذرك منهم يا محمد أن يثبّطوا أصحابك ويشيعوا فيهم الشكوك والأراجيف ويمالئوا عليك الأعداء من الكافرين .
قوله:{قاتلهم الله} يعني أخزاهم الله ،كيف يصرفون عن الحق ،وتميل قلوبهم عن الإيمان الصحيح مع وضوح دلائله وبيناته{[4545]} .