قوله:{وما أدراك} ،ما استفهامية وهي مبتدأ .ما الثانية مبتدأ ثان ،وخبره الحاقة .والمبتدأ الثاني وخبره في موضع نصب للفعل أدراك{[4612]} .
والحاقة ،اسم من أسماء القيامة وهي يوم الحق .وقد سميت بذلك ،لأن كل إنسان حقيق بأن يجزى بعمله .فهي التي تحق فيها الأمور ويجب فيها الجزاء على الأعمال .أو لأن وقوعها حق لا شك فيه{ما الحاقة} والاستفهام معناه التفخيم والتعظيم لشأن الحاقة ،وهي الساعة ،كأن تقول: زيد ما زيد{وما أدراك ما الحاقة} يخاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم: وأي شيء أعلمك ما هي الحاقة وذلك تعظيم ثان لها .وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عالما بصفات القيامة .
يضاف إلى ذلك شدة الإيقاع البليغ الذي يتجلى في كلمة{الحاقة} بحرف القاف فيها ،وبمدها اللازم المثقل .
ومما يتجلى في القرآن من ظواهر الإعجاز ،ملاءمة الألفاظ فيه للمعاني من حيث الرقة واللين ،أو الفخامة والتهويل ،أو الترغيب والتحضيض ،أو الترهيب والتحريض .والحاقة بشدة وقعها على السمع والنفس تكشف لكل سامع متدبر أن أمر الساعة هائل وجلل ،وأن الخطب فيها مذهل وجسيم ومروّع .