قوله:{ولا بقول كاهن} ليس النبي بكاهن .فإن الكاهن يهذي هذيان المحموم الذي خالط عقله العته والجنون فما يفرز غير المكذوب من الكلام المضطرب .لكن النبي صلى الله عليه وسلم لهو في الذروة العليا من أولي النباهة والفطانة والخلق العظيم .والكهان ديدنهم الكلام المسجوع الفارغ من كل مضمون نافع والذي لا يعبأ قائله بالمعاني .فهو لا خير فيه ولا فائدة البتة .وإنما هو الكلام العشوائي المصفوف القائم على وحدة الحرف في أواخر الجمل والعبارات .لكن القرآن نظم مميز فذّ ،فهو ليس بالشعر ولا بالنثر ولا بالسجع ولا بالخطابة ولا بالرسالة .فهو ليس على صنف من أصناف الكلام وإنما هو القرآن وكفى .وهو تجتمع فيه كل ظواهر الإعجاز من روعة المبنى وعظيم المعنى .
قوله:{قليلا ما تذكّرون} أي لا تتذكرون إلا قليلا والمراد بالقلة ههنا النفي أو العدم .أي فهم لا يتذكرون البتة .