قوله:{فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين} الصغار معناه الذل والضيم .والصاغر ،الراضي بالضيم{[1496]} ؛لقد كانت الغلبة لموسى عليه السلام وما جاء به من الحق .وكان الخزي والعار والافتضاح على فرعون وجنوده والذين جاء بهم من السحرة ،فانصرفوا بعد ذلك جميعا{صاغرين} أي مقهورين أذلة .
فالله جل وعلا ينصر رسله والمؤمنين المخلصين مهما طال بهم الزمان واشتدت من حولهم المحن .والعبد المؤمن الصابر الذي يدعو إلى دين الله ويجاهر بالحق في حماسة وإخلاص أو يضطرب أو ينتزع .بل إنه صابر مرابط ثابت على الحق في عقيدة الإسلام ومنهج الله القويم ،مهما ازدادت جموع الظالمين والمجرمين والمتربصين الغاشمين من حوله .وهكذا كان موسى عليه السلام بعد أن تعزز بثقته بربه فثبت في ميدان الصراع المحتدم وحده ؛إذ لم يكن له نصير ولا رديف مجبر من البشر ،والدنيا من حوله يجللها الكفر البواح في ظل الطاغوت الشقي فرعون ،حتى كتب الله له ( موسى ) الغلبة والنصر .