قوله:{إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا} أوحي الله إلى الملائكة الذين أنزلهم لنصرة نبيه ودينه والمؤمنين{أنى معكم} أي أنصركم وأؤيدكم ،أو أتي مع المؤمنين فانصروهم وثبتوهم .ويقويه قوله:{فثبتوا الذين آمنوا} أي اشددوا وأورهم وقووا عزائمهم .وقيل: كثروا سوادهم .وقيل: قاتلوا منعهم المشركين .وقيل: كان الملك يسير أما الصف في صورة الرجل وهو يخاطب المسلمين قائلا لهم: سروا فإن الله ناصركم ،ويظن المسلمون أنه منهم .وذكر أن بعض المسلمين سمع قائلا من الملائكة يقول: أقدم حيزوم .وهم اسن لفرس من خيل الملائكة .
قوله:{سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب} أي سأملأ قلوب الكافرين فرقا ورعبا منكم حتى ينهزموا ويولوا الأدبار ويبوءوا بالتقهقر والعار .
قوله:{فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان} اختلفوا في تأويل الضرب فوق الأعناق ،فقيل: معناه: اضربوا الأعناق .وقيل: فوق الأعناق يعني الرؤوس أي اضربوا الرؤوس .وقيل: اضربوا على الأعناق ؛لأن على وفوق متقاربات في المعنى .والصواب ضرب ذلك كله .سواء فيه الجماجم والرؤوس والأعناق مما فيه إثخان ومقتلة .والواجب أن يقال: إن الله أمر بضرب رؤوس المشركين وأعناقهم وأيديهم وأرجلهم .
قوله:{واضربوا منهم كل بنان} أي اضربوا منهم كل طرف ومفصل من أطراف أيديهم وأرجلهم .وذلك على سبيل المبالغة في القتل والإثخان كسرا لشوكة الكفر وإذهابا لسطوة الظلم والظالمين .والبنان جمع بنانة ؛وهي أطراف الأصابع لليدين والرجلين{[1631]} .