{فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ} من دون أن تشعروا ،أو تفكروا ،أو تواجهوا ذلك بجدّية ومسؤوليّة ،فإن من يرقص في مأتمه ،أو يعبث بما يمثل قضيّة المصير عنده أدعى للسخرية مما تسخرون منه ،لأن مقدار العبث فيه أشدّ من العبث الذي تتصورونه في صنع السفينة ،التي ستكتشفون أن صناعتها أمر جدي كل الجدّية لا مجال فيه لأيّ عبث ،أو جهل ،أو ما يشبه ذلك .
المواجهة بالفكر ليست دائماً ناجحة
وهذا هو الأسلوب الذي نستوحيه ،في مقام الدعوة إلى الله ،عندما يعترضنا الكافرون بأسلوب السخرية ،لتمييع الجوّ المحيط بالدعوة ،وتعريضه للضحك والعبث بهدف إسقاط الدعوة ،لا سيما إذا وقف الداعية للدفاع عن الفكر بأسلوب جدي ،واستخدم في ذلك أدلّة علميّة ،فإن الجوّ الضاحك العابث يحوّل ذلك إلى مادّة جديدة للسخرية ليحطّموا وقار العلم الذي يمثله الفكر بأدوات الجهل ،مما يجعل من الموقف الجادّ موقفاً خاسراً على أكثر من صعيد .ولذلك فإن الموقف الحكيم هو مواجهة هؤلاء بأساليبهم ،سخريةً بسخرية ، واستهزاءً باستهزاءٍ ،لإحداث صدمة قوية عند المستهزئين تُسقط موقفهم ،وتهزم أساليبهم ،فيتراجعون أو ينهزمون ،في حين يقف الداعية موقف المنتصر المتماسك ،الذي لم يسمح للعبث أن يحطم موقع الجدّ من فكره ،ولم يدع للضعف أن يقترب من شخصيته ،لينعكس ذلك على موقع الرسالة الثابتة في ساحة الحق .