{قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِي} ونطلب ،لأن ذلك كان هو العلامة التي يلتقيان فيها مع العبد الصالح{فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا} أي آثار أقدامهما{قَصَصًا} في اتباع الأثر لئلا يضلا الطريق .وهكذا رجعا إلى تلك النقطة .
وربما يكون نسيان موسى ( ع ) مذكوراً للتغليب ،باعتبار أن أمر الحوت متعلقٌ بهما من دون أن تكون هناك حالة نسيان له من قبله ،لأن المسألة متصلةٌ بغلامه الذي كان موكلاً بحمل الحوت وحفظه ،ما يجعل قضية الذكر والنسيان قضيته الخاصة ،لا قضية موسى ( ع ) الذي لم يكن في موارد التوجه إلى هذه المسألة ليرفض تذكره أو نسيانه لها .
هل ينسى النبي ؟
وإذا أردنا أن نتجاوز هذه الملاحظة ،فإننا لا نجد هناك أيّ دليل عقليٍّ أو نقليّ يفرض امتناع نسيان النبي لمثل هذه الأمور الحياتية الصغيرة ،لأن ذلك لا يسيء إلى نبوّته من قريبٍ أو من بعيد ،ولكن ربما نلاحظفي هذا المجالأن النبي إذا كان لا ينسى أمر التبليغكما هو المتفق عليه بين المسلمينفلا بد من أن يكون ذلك من خلال ملكةٍ ذاتيةٍ تمنعه من النسيان ،بحيث تجعل وجدانه واعياً للأشياء ،فلا تغيب عنه عندما ينفصل عنها ،ما يجعل المسألة غير قابلةٍ للتجزئة ،كما هي القضايا المتصلة بالملكات النفسية .
وقد يثير البعض أمام هذه الملاحظة ،أن مسألة التبليغ قد تكون موضعاً لتدبير إلهيّ غير عادي ،من أجل حفظ الرسالة عن الضياع أو التحريف ،بحيث يعطي وجدانه الرسالي إشراقة قوية ،تختلف عن وعيه للأشياء الأخرى ؛والله العالم .