{وَلاَ تَنِيَا}: ونى في الأمر ،يني ونياً: أفتر ،وضعف .
..وجاء التكليف الإلهي المباشر لموسى وهارون بالتحرك من أجل حمل الرسالة بشكل حاسم إلى فرعون ،لدعوته إلى الإيمان بالله والالتزام بأوامره ونواهيه ...وكان النداء الأول موجهاً إلى موسى باعتباره النبي الأصيل ،بينما كان هارون نبياً في موقع الوزارة له ..
{اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي} التي أَنْزَلْتُ عليك قسماً منها وستتلوها الآيات الأخرى ،{وَلاَ تَنِيَا فِي ذِكْري} أي لا يعتريكما الفتور والوهن في ذكري ،في ما يمثله ذكر الله من الدعوة إلى الإيمان في خط الصراط المستقيم الذي يقود عباده المؤمنين إليه ،وفي ما يوحيه في وعيهما الفكري والروحي ،ليستمدا منه القوة على مواصلة الجهد ،وتحمّل الصعوبات ،وليراقباه في كل موقف من مواقف المسيرة التي تدفع للقلق وللاهتزاز في مواقع الزلزال النفسي والعملي .
وهذا هو ما يحتاجه كل داعية في مسيرة الدعوة إلى الله ،على مستوى الجهاد الفكري ،أو على صعيد الجهاد العملي الحركي ،وذلك بأن ينفتح على الله في عمق فكره وشعوره ،ليبقى مرتبطاً بالهدف الذي يتحرك نحوه وهو رضا الله ،لأن الاستغراق في العمل الحركي قد يجعل الإنسان مشدوداً إليه بحيث ينسى الغاية في حركة الوسيلة ،وربما انحرف عن بعض خصوصيات المسؤوليات الشرعية في الممارسات العملية في نظرته الذاتية إلى طبيعة العمل والعلاقات ،ولكي لا تتحول حركة الدعوة إلى حالة صنمية في الوعي الحزبي أو الطائفي ،في الدائرة الفكرية أو الشعورية .