{قال إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} في حساب الخلود الذي ينتظركم بالعذاب في الآخرة ،فقد يكون تعداد سني عمركم كبيراً في الدنيا ،ولكنه لا يمثل شيئاً في الآخرة ،{لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُون} ،ولكنّكم لم تعرفوا ذلك ،لأنكم لم تشاءوا معرفته عبر ما منحه الله لكم من نوافذ المعرفة ،ولو عرفتم قصر العمر في الدنيا ،وسرّ الخلود في الآخرة ،لعرفتم جيداً ،ولوعيتم أن الدنيا هي ساحة المسؤولية في حركة الإنسان ،في ما يقوم به من عملٍ ،وأنّ الآخرة هي ساحة الحصول على نتائج المسؤولية ،تماماً كما هو الزرع والحصاد .
الوقت ..حياة نابضة بالتطلع إلى الله
وبذلك كانت قضية الوجود لا تمثل حركةً في الفراغ ما بين عدمين ،بل كانت حركةً يتحول فيها العدم إلى وجودٍ حيّ تتحرك فيه الرسالة وتعطيه مضموناً يبحث عن الله ليلتقي به ،ويعبده ،ويسير في الطريق الذي يوصل إلى رضوانه ،بحيث يشكل فرصة الإنسان في الحصول على الخير كله في الآخرة ..وهذا ما يجب أن تفهموه ،عندما تواجهون مسألة الوقت باعتباره عنوان الوجود ،فهو ليس لحظات زمنية ضائعة في الفراغ ،تبحث عمّن يستهلكها ويعيدها إلى العدم ضمن منطق اللاّمعنى واللاّمسؤولية ،في ما يمثّله ذلك من معنى العبث ،بل هو الحياة النابضة بالحركة التي تبحث عن مضمون فكري وروحي تتجسد فيه ،لتحتفظ لنفسها بالخلود على أساس النتائج التي تعصر الزمن كله في حقيقةٍ إنسانية تلتقي بالله من موقع التوحيد والعبادة والطاعة في الدنيا ،لتحصل على خلود الرضوان في الآخرة .