جرى الأسلوب القرآني على إخراج الإنسان من جوّ الألفة الذي اعتاد أن يشاهده أو يعيشه في نفسه أو في غيره من الموجودات ،ليبقى الإنسان على اتصال بأسرار الوجود التي تشعره دائماً بعظمة الله من خلال عظمة خلقه ،وليظل على اتصال بالله في ما يستوحيه منه دائماً من انطلاق الوجود كله ،بجميع خصائصه وآثاره ،بحيث لا يرى شيئاً إلا ويرى الله معه ،ليكون ذلك أساساً ثابتاً لالتزام الإنسان بالنظام الذي وضعه الله لحياته ،ليتكامل التزامه مع النظام الكوني الذي أوجده الله بقدرته ،لأن الإنسان كلما أحسّ بحضور الله أكثر ،كلما شعر بمسؤوليته أمامه بطريقة أقوى وأفضل .
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سلالة مِّن طِينٍ} فقد استخرج الله الإنسان من الطين بشكل مباشر عند خلق آدم ( ع ) ،وبشكل غير مباشر عند خلق أولاده الذين كوّنتهم الأغذية التي تتوالد من الأرض والماء ،