وتلك هي نهاية الصراع عندما تبدأ عملية الجزاء عند اللّه .فأمّا الكافرون الذين لا يستند كفرهم إلى أساس من علم أو واقع ،بل كلّ ما هناك العناد والمكابرة والكبرياء ...أمّا هؤلاء فسيلاقون جزاءهم في الدُّنيا من خلال ما يعذّبهم اللّه به من صنوف البلاء الذي يتحوّل في كيانهم إلى عذاب نفسي وجسدي مدمّر ...وفي الآخرة من خلال ما يواجهونه من جحيم النّار وبئس القرار ...وسيتطلّعون في هذا الموقف أو ذاك ،إلى من اعتادوا الاستغاثة بهم طلباً للنصرة ،فلا يجدون أمامهم أحداً ،لأنَّ اللّه سبحانه يملك الأمر كلّه ،فهو الذي يكفي من كلِّ شيء ولا يكفي منه شيء ...وأمّا المؤمنون الذين اعتبروا الحياة موقف إيمان وعمل وكدح إلى اللّه ،فآمنوا به وعملوا لما عنده وكدحوا في سبيله ؛فاستحقوا الأجر منه على ذلك كلّه ،من خلال وعده لهم بالجزاء الأوفى عنده ،والثواب العظيم لديه ،فقد جاء وقت الوفاء بعد انتهاء وقت العمل ،واللّه عند وعده لعباده ،أمّا هؤلاء ،فيوفيهم أجورهم كاملة غير منقوصة ،فإنَّه يحبّ المؤمنين العاملين ،ولا يحبّ الظالمين الذين يظلمون أنفسهم بالكفر والمعصية والانحراف عن خطّ اللّه المستقيم في العقيدة والعمل .
[ فأمّا الذين كفروا] الذين ابتعدوا عن اللّه ،وانحرفوا عن خطِّ الإيمان المستقيم بسبب الهوى الذي يزيّن لهم الضلال ويقودهم إلى مواقع السقوط الفكري ،[ فأعذبهم عذاباً شديداً في الدُّنيا] بما يلاقونه من ألوان العذاب المتمثِّل بالبلاء الذي يعيبهم في أجسادهم وأهليهم وأموالهم وعقولهم ومواقعهم ،[ والآخرة] بما يواجهونه من عذاب النّار ،[ وما لهم من ناصرين] ومَنِ الذي ينصرهم من اللّه ؟