{هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ} فهي التي تشق للحياة درب الفكر المتّزن العميق في آفاق القيم الروحية في الدائرة الإنسانية .وبذلك يمكن للإنسان أن يجد فيها الهدى الذي يكفل له النجاة في الدنيا والآخرة .وهي التي تتفجر في إيحاءاتها بالمشاعر الروحية الحميمة التي تنمّي الروح المنفتحة على آلام الناس في مشاكلهم الخاصة والعامة بالمستوى الذي تتحول فيه المسؤولية إلى حالةٍ شعوريةٍ في العمق الداخلي من الشخصية ،تماماً كما هي حالةٌ فكريةٌ وإيمانيةٌ ،لتوحّد التوجه الإنساني إلى التكامل والتوحّد في القضايا المشتركة .إنها الآيات الحيّة التي تتحسس وتنفعل وتوحي بالفكر وبالخير والرحمة ،وتثير الصفاء والنقاء في الحياة كلها ،من أجل الإنسان الذي يتحوّل في أفكاره ومشاعره وخطواته في الحياة ليكون إنسان الله في كل شؤونه وأوضاعه .
ولكن الهدى في كل موقعٍ من مواقعه ،والرحمة في كل أفقٍ من آفاقها ،لا يتحققا إلا للذين ينطلقون من القاعدة التي يمتدان منها ويتحركان في مجالها ،وهي القاعدة الإيمانية التي يلتقي فيها الإنسان بربه في خط العقيدة والحياة ،فيلتقي من خلاله بكل هدى ورحمة ،لأن الله هو الربّ الهادي الرحيم الذي يهتدي بهداه ويعيش في رحمته عباده المؤمنون المحسنون في أجواء العقيدة والسلوك .