{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} والتسبيح يوحي باستجلاء عظمته بالفكر في ما ينطلق به السمع والبصر والعقل ،ليتحرك من خلال حركة المحسوس للوصول إلى ما وراءه من المعقول في أسرار العظمة ،وإِبداع القدرة ،أو إحصاء آلائه بالكلمات التي تتحول فيها المعاني إلى تسابيح تنفتح على كل آفاق عظمته التي لا تقف عند حدّ ،لأن ذلك هو الذي ينمي الشعور بعظمة الله في عقل المؤمن وقلبه وشعوره ،وفي ما يجسده من هذا كله في كلماته وأفعاله وإيماءاته ،في حركاته وسكناته ،وذلك في امتداد الزمن كله ،عندما يصبح الصباح في بكور النهار ،وعندما يبدأ المساء في خيوطه الأولى عند الأصيل ،ليعيش الإنسان مع الله في عظمته في أوّل النهار ،ليكون نهاره كله خضوعاً روحياً وعلمياً لحركة العظمة في النفس ،وليعيش في الموقع نفسه في أوّل الليل ،ليكون ليله انطلاقاً مع الهدوء الساجي ،والكواكب السابحة في الفضاء ،والقمر المطلّ على الكون بنوره الهادىء ،ليجد الله في ذلك كله ،ولتتعمق روحانيته في عمق ذلك كله