{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آياتُنَا بَيِّنَاتٍ} تؤكد لهم نبوّتك ورسالتك ،ووحي الله الذي أنزله عليك في كتابه{قَالُواْ} لبعضهم البعض{مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُكُمْ} إنه المنطق الذي يهرب من مواجهة الحقيقة في مضمونها الفكري العميق ،ليثير المسألة في اتجاه إثارة المشاعر المعادية للرسول عبر تحريك العصبيات العائلية القائمة على الإخلاص لعقيدة الآباء والأجداد ،لينتفض الناس في مظاهرةٍ مجنونةٍ تستهدف حماية إرث هذا التاريخ الذي قد لا يكون له أيّ معنىً ،في ما يُحترم فيه الفكر ،وتنفتح فيه الحقيقة ...وتلك هي حالة كل الذين يريدون أن يصادروا الفكر الحيّ التغييري في المجتمعات المتخلفة ،عندما يعملون على تجميع عناصر الإثارة المضادة التي تخاطب الغرائز والعصبيات والمشاعر الحادّة لإسقاط الفكرة في الساحة العامة من دون مناقشة .وهكذا أطلق هؤلاء أمام بعضهم البعض فكرة حماية مقدسات الآباء{وَقَالُواْ} عن القرآن{مَا هَذَآ إِلاَّ إِفْكٌ} كذب{مُّفْتَرًى} فهو منسوبٌ إلى الله من دون أساس ،بل هو افتراء{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءهمْ} في أسلوب مثيرٍ جديدٍ ،لا يستهدف الفهم والوعي بل التشويش والتشويه والإثارة{إِنْ هَذَآ} أي ليس هذا{إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} فلا يمثل شيئاً من الحقيقة ،بل هو نوعٌ من أنواع التخييل الذي يسلب اللب ،ويأخذ الشعور ،ويثير الإحساس .فهو يفرق بين الأب وأولاده ،والزوجة وزوجها ،والأخ وأخيه بطريقةٍ سحريةٍ غير مفهومةٍ ،