{هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأرْضِ} فأراد لكم أن تمارسوا دور بناء الأرض في أمورها وقضاياها وعلاقاتها ،انسجاماً مع الحق ،كما أقامها في تكوينها الوجودي على أساس الحق ،وتلك هي مسؤوليتكم التي تواجهونهاغداًأمام الله ،فإن الخلافة التي جعلها الله للإنسان ليست امتيازاً ذاتياً يزهو به ويطمئن إليه ،بل هي مسؤوليةٌ رساليةٌ يتحرك من خلالها ،ويستقيم على خطها ،فمن آمن بالله وعمل صالحاً واتّبع رضوانه ،فسيجد الخير الكبير في الدنيا والآخرة ثواباً على قيامه بالمسؤولية بأمانة ،وسيحصل على محبة الله ورضاه .
{فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ} بكل ما يفرض الكفر من نتائج سلبيةٍ في الدنيا والآخرة على جميع المستويات ،{وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلاَّ مَقْتاً} وكيف لا يمقت الله عباده الذين خلقهم وأنعم عليهم ودعاهم إلى جنته ورضوانه ،فتمردوا عليه ،وأعلنوا الحرب على رسله ،وجحدوا وأشركوا به ،فأيّ نكرانٍ للجميل هو هذا النكران ،وأيّ سقوط أعظم من هذا السقوط الإنساني في وحل الجريمة الروحية والمادية !{وَلاَ يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلاَّ خَسَاراً} لأنهم خسروا أنفسهم وأهليهم الذين أضلوهم بالكفر ،وذلك هو الخسران المبين .