{قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ} أي تشاءمنا بوجودكم بيننا ،لأنكم تمثلون الاتجاه الذي يريد أن يثير المشاكل في داخلنا ،فيفرِّق بيننا ،ويفصلنا عن مقدساتنا ،ويبعدنا عن الجوّ الهادىء المستقر الذي يخيّم علينا ،ما يجعل وجودكم شؤماً كلّه ،ولذلك فإننا نطلب منكم أن تغيّروا طريقتكم ،وأن تكفّوا عن كل هذا الحديث ،ودعونا نتابع السير وفق عاداتنا وتقاليدنا بكل راحةٍ واطمئنانٍ ،و{لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ} عن ذلك{لَنَرْجُمَنَّكُمْ} بالحجارة حتى ندميكم أو نقتلكم ،{وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ} بأساليب ووسائل أخرى مما يسبّب لكم الآلام الشديدة ،ويعرّفكم نتائج مواجهتكم لمقدّسات الآخرين .
وذلك هو نهج الطغاة الذين لا يستطيعون الرد الفكري على طروحات الإيمان والصلاح ،فيعمدون إلى إثارة الأجواء الانفعالية الإرهابية المضادّة التي تشوّه صورة المؤمنين والمصلحين من جهةٍ ،وتهدّد وجودهم وسلامتهم من جهة أخرى ،لتضغط عليهم نفسيّاً وجسديّاً حتى يتراجعوا عن دعوتهم الإيمانية وخطتهم الإصلاحية .
ويبقى للمؤمنين والمصلحين ،الذين يتحملون مسؤولية الدعوة إلى الله في دائرة الإيمان والصلاح ،أن يثبتوا ويتماسكوا ويواجهوا الكلمة بكلمةٍ أقوى منها ،والموقف بموقفٍ أشد منه ،والقوّة بعزمٍ أكثر صلابةً ،وأشدّ حسماً .وهكذا وقف هؤلاء الرسل الدعاة الثلاثة ،فلم ينهزموا ولم يسقطوا أمام التهويل الكلامي والعملي الذي حاول الكافرون إثارته في وجوههم ،