ويستمر الحوار بين المؤمنين والكافرين عن التوحيد الذي امتد الحديث في الآيات الكونية الدالّة عليه ،إلى اليوم الآخر الذي يحذّر المؤمنون الكافرين من نتائج الموقف الذي يقفونه فيه عندما يواجهون عذاب الله الذي ينتظرهم هناك ،ويدعونهم إلى التقوى منه ،بالإيمان بالله والسير على خط عبادته ،ولكنّ الكافرين لا يواجهون المسألة باهتمامٍ وجدّيّةٍ ،بل يعملون على الهروب من مناقشتها بطريقةٍ فكريةٍ ،فيهربون إلى القضايا التي يخيّل إليهم أنها قد تُحرج المؤمنين بإثارة الأسئلة حول موعد اليوم الآخر الذي لا يملك المؤمنون تحديده ،لأن الله لم يمكّنهم من معرفته .
{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِين} فقد تحدّد إجابتكم عن هذا السؤال مسألة صدقكم وكذبكم ،لأن الصادق يعرف عادةً حدود ما يدعو إليه ،وقد يكون هذا السؤال وارداً لإثارة سخرية السامعين عندما يواجه المؤمنون السؤال بحيرة ،ولكنّ الله يصدم هذا الواقع كله بالصورة المخيفة المرعبة ،فهؤلاء الذين يعيشون الاسترخاء اللاّهي العابث والسخرية بالإيمان والمؤمنين ويثيرون الجدل العقيم الذي لا يؤدّي إلى أيّة نتيجةٍ ،لأنه لا يتحرك في خط الجدّية ،ستصدمهم المفاجأة ،على مستوى ما يحدث للجميع ،كمجموعة ،أو ما يحدث لهم كأفراد ،لأن الحديث عن القيامة يختلف عن الحديث عن أيّة قضيةٍ أخرى من قضايا الحياة التي يختلف فيها الناس ،لأن الناس كلهم قادمون إليها عبر جسر الموت الذي لا يمنح أحداً موعداً معيناً لزيارته ،بل يأتي في أسلوب المفاجأة التي تصدم الزهو كله عندما تصدم الوجود كله .