ويؤكد القرآن هذه الحقيقة من خلال الحياة العادية للمسيح ،فيعلن أن{لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للَّهِ وَلاَ الْمَلَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً} من خلال الالتزام والممارسة ،لأنها الحقيقة الواضحة التي تفرض نفسها على كيانه .وقد كانت سيرته في حياته ،في الدعوة إلى الله الواحد ،وفي خضوعه العملي له ،دليلاً على ذلك .{وَلاَ الْمَلَئِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ} سيستنكفون من ذلك ،بل يؤكدون هذه العبودية بكل ما لديهم من وسائل التعبير المتنوعة في مظاهر العبادة ،بكلّ ما لديهم من مشاعر الانسحاق أمام عظمة الله ...
ولا تتوقف هذه الآية عند حدود هذا التقرير للحقيقة في حياة السيد المسيح والملائكة المقرّبين ،بل تواجه الموقف بالتهديد الإلهي لكل الذين يعيشون حياتهم بعيداً عن ذلك ،من خلال ابتعادهم عن عبادة الله استنكافاً وتكبّراً{وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً} ليواجه المتعبدون والمستكبرون حركة هذه الحقيقة في مصيرهم ،عندما يحشرون إلى الله ،ليروا أن القوة لله ،وأَن العزة له ؛فله الملك وله السلطة المطلقة في كل خلقه ،وبيده الأمر كله .