وهذه صورةٌ من قصة موسى ،قد تختلف في بعض ملامحها عن القصة المذكورة في الآيات السابقة ،وتبرز فيها شخصيةٌ نموذجيّةٌ للإنسان المؤمن الذي يتحفّز لمواجهة كل الواقع الطاغي ،الذي ارتفع طغيان الظالم فيه إلى مستوى ادعاء الألوهية في وحشيةٍ وتسلطٍ ليصدم اعتزاز ذاك الظالم بموقعه ،وطريقته الاستعراضية في إثارة الناس ضدّ الرسول والرسالة ،مع ملاحظةٍ مهمّةٍ وهي أن هذا المؤمن جزءٌ من العائلة المتألّهة ،وبذلك فإن لانفصاله عن تلك العائلة قيمة كبيرة بما يؤكده في ذلك من قوّة إيمان ،وصلابة موقفٍ ،وشخصيةٍ مميّزةٍ قويّة ،استطاع بها أن يتخلص من كل الإغراءات التي قدّمت إليه على طبقٍ من ذهب .
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا} التي تمثل المضمون الفكري والروحي للرسالة في ما يريدمن خلالهأن يقنع فرعون وقومه والناس جميعاً بالإيمان به والانتماء إليه ،{وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ} مما مكنه الله عليه من معجزاتٍ خارقةٍ للعادة كاليد البيضاء والعصا ونحوهما .