ولكنّ مؤمن آل فرعون واقف لفرعون بالمرصاد ،يتابع كلماته ويرصد تأثيره على الناس ،ليخفف من ذاك التأثير أو يبطله ،فنراهفي هذا الموقفيرفع صوته من جديد ،بأسلوبٍ زاخرٍ بالمرارة والعاطفة ،ومملوءٍ بالموعظة والنصيحة ،يبصِّر قومه بالحياة وفنائها ،والآخرة وخلودها ،ثم يحدِّد لهم طبيعة المسؤولية ونتائجها ،فكل إنسان يتحمل مسؤولية عمله ،إن خيراً فخير وإن شرّاً فشرّ ،ولن يتحمل أيّ شخص مسؤولية شخص آخر ،ولذا فإن عليهم أن يواجهوا مسؤوليتهم بأنفُسهم ،لأن فرعون لن يستطيع أن يدفع عنهم أيَّ شيء .
{وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} ولا تتبعوا فرعون الذي يريد أن يقودكم إلى طريق الغيّ والفساد ،ليستغلكم في ما يحقق أطماعه ويوصله إلى غاياته الاستكبارية في التجبر والبغي في الأرض بغير الحق ثم ينتهي أمره إلى الفناء ،فلا تحصلون منه على شيء لأنكم ستموتون معه أو في سبيله دون آية نتيجةٍ طيبة ..أما أنا ،فليست لدي أية غاية ذاتيةٍ ،بل كل هدفي إعطاء نظرتكم إلى الحياة امتدادها الفعلي ،لتروا أن حياتنا هذه ليست نهاية المطاف ،فهناك حياة أخرى تواجهون بها نتائج المسؤولية تبعاً لحركة المسؤولية في الدنيا في نطاقها السلبي أو الإيجابي .