حديث القرآن عن الله ،حديثٌ متنوّعٌ في أسلوبه ومفرداته ،غايته جعل العقيدة في وعي الإنسان متنوعةً على الكون الممتدّ الذي يستوعب قضاياه في حاجاته الوجوديّة ،وفي حركته الروحية ،لئلا تبقى معادلةً تجريديّةً في الفكر ،بل تصبح إلى جانب ذلك ،حركةً منفتحةً على الحياة ،تتحرك مع الإنسان فتتحرك معها كل آفاق الحياة المحيطة به ،والمتصلة بوجوده ،وتغدو طعامه وشرابه الذي يتناوله في كل يوم ،من خلال ما يعيشه في كل لحظةٍ ..وبذلك تكون علاقة الإنسان بالله جزءاً من تكوينه الذاتي الذي لا ينفصل عنه ،في أي من الأوضاع الطارئة في حياته .
{اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ قَرَاراً} تستقرون فيه ويؤمن استقرار حياتكم بطريقةٍ مريحةٍ متوازنةٍ ،{وَالسَّمَآءَ بِنَاءً} تستظلون فيه{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} في ما يوحي به ذلك من جمال المنظر ،ودقّة الأجهزة ،وتنوّع المهمات التي تؤديها ،ما يجعل الإنسان عنصراً فاعلاً قادراً على إدارة شؤون الكون كله في النطاق الذي أعدّه الله له .
{وَرَزَقَكُمْ مِّنَ الطَّيِّبَاتِ} التي تستلذونها وتستمتعون بها ،وتستطيبونها ،وتحصلون على القوّة الجسدية التي تؤمن استمرار حياتكم .{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ} الذي يربّيكم ويدبر أموركم ،ويحيطكم برعايته ،ويتعهدكم باللطف والرحمة والخير العميم ،{فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} وتقدّس وتعالى في ربوبيته المطلقة التي تشمل العوالم كلها بالرعآية والتدبير ،في نظام الوجود وحركته ،